المملكة العربية السعودية 2017- تحديات الإرهاب، الاقتصاد، والتحالفات الجديدة.
المؤلف: محمد الساعد08.08.2025

بزوغ فجر عام 2017 يطالع المملكة العربية السعودية وهي غارقة في معارك ضروس، فمن جهة، تواجه خطر الإرهاب المستشري، ومن جهة أخرى، تعاني من اقتصاد يشهد انكماشًا ملحوظًا، بالإضافة إلى منافسة إقليمية شرسة من قِبل بعض القوى الأجنبية التي تسللت إلى قلب المنطقة العربية، ناهيك عن المؤامرات التي حيكت ضدها بأوامر من البيت الأبيض نفسه.
بشكل عام، يمكن وصف الوضع بأنه سلسلة معقدة ومتشابكة من الصراعات، تتداخل فيها العوامل الإقليمية والدولية، مصحوبة بخيانة من بعض الأصدقاء، وانخراط قلة من المواطنين عن غير وعي في حرب ضد وطنهم.
المملكة العربية السعودية لا تزال في طور التعافي من حرب "وجود" شرسة، اندلعت في عام 2009، أشعل فتيلها البيت الأبيض بقيادة الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما، وتضمنت هذه الحرب محاولات لتغيير موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط لصالح إيران، على حساب علاقات تاريخية وطيدة مع الرياض، بالإضافة إلى السعي لتقويض الأسس الاقتصادية والعسكرية والإعلامية للمملكة، بل وحتى الاجتماعية.
لقد استُخدمت أداتان رئيسيتان لزعزعة استقرار المملكة العربية السعودية، أولهما دعم الانقلاب "الطائفي" في البحرين، فالمنامة تعتبر الخاصرة الرخوة لمناطق النفط التي تمثل قلب المملكة الاقتصادي، وأي اختراق للمنامة يعني توجيه ضربة قاتلة للاقتصاد السعودي، والأداة الأخرى تمثلت في إغراق مصر في الاحتجاجات والفوضى، وإيصال جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة، ليتولوا بدورهم مهمة مساعدة أجنحتهم الإرهابية في المملكة لتنفيذ مخططاتهم التخريبية، وذلك في إطار ما يسمى بـ "الربيع العربي" المزعوم، والدفع به نحو الشوارع والمدن السعودية.
على الرغم من مرور ثماني سنوات عجاف، لم يتمكن أوباما من تحقيق مبتغاه في إضعاف المملكة، ولم ينجح في ترجيح كفة أعدائها، بل اكتشف أن عزيمة المملكة وقوة شعبها أشد مما كان يتصور، وأن تحقيق أهدافه يتطلب وقتًا وجهدًا أكبر بكثير مما كان يتوقع، وأن النتائج التي تتجسد على أرض الواقع اليوم، أو التي ستظهر لاحقًا، تصب في مصلحة الرياض، سواء أدرك أوباما وحلفاؤه ذلك أم لا.
هذا ليس مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي، ولا مجرد شعارات جوفاء، بل هي معلومات مؤكدة وموثقة، تعكس نتائج السياسة السعودية التي تعتمد على العمل في صمت، عندما تقتضي مصالحها الإستراتيجية ذلك، باراك أوباما خاض حروبًا خاسرة، لكن المصالح الكبرى أجبرت حلفاء واشنطن على الانتظار بصبر نافد حتى رحيله عن السلطة، فالعلاقة مع البيت الأبيض أعمق وأرسخ من ثماني سنوات عجاف قضاها أوباما في سدة الحكم.
الرياض، شأنها شأن العديد من العواصم الأخرى، تضررت من وجود رئيس ضعيف القدرات ومتردد في اتخاذ القرارات الحاسمة، وأدت سياساته إلى سلسلة من الإخفاقات في الحروب والسياسة، ولا يزال الأبرياء يدفعون ثمنها حتى هذه اللحظة، كما هو الحال في سورية وليبيا وسيناء وفلسطين ولبنان وإيران والعراق.
ولكن، كيف سيكون شكل عام 2017 بالنسبة للعلاقات بين الرياض وواشنطن؟
لا شك أن الأضرار التي لحقت بالعلاقات بين الرياض وواشنطن كبيرة، إلا أن إصلاحها ليس مستحيلاً، وهناك ثلاثة ملفات رئيسية من المرجح أن تقود العلاقات السعودية الأمريكية في العام القادم وما يليه.
أولاً، الملف الاقتصادي، فالمملكة العربية السعودية تمتلك اليوم أكبر صندوق استثمار سيادي في العالم، وهي قادرة على التفاوض مع الرئيس ترامب وإدارته لتحقيق مصالح متبادلة تخدم الاقتصاد والسياسة السعودية الأمريكية.
ثانيًا، إعادة بناء التحالف العسكري بين الرياض والبنتاغون، فالنمو المتسارع للجيش السعودي ورغبته في تحديث قدراته العسكرية، بالإضافة إلى توسع نفوذها في المنطقة لحماية مصالحها، سيساعد واشنطن في استعادة مكانة الصناعة العسكرية الأمريكية التي تراجعت كثيرًا في منطقة الشرق الأوسط، بل تضاءلت أمام التقدم الروسي.
ثالثًا، الحد من القدرات النووية الإيرانية، فالمؤسسات الأمنية الأمريكية لا يمكنها الانتظار حتى تصبح طهران قادرة على تفجير قنبلة نووية، وهو الأمر الذي سيجعلها دولة نووية أمرًا واقعًا، وهذا يتطلب إعادة النظام الإيراني إلى مكانه الطبيعي، بعيدًا عن التدخل في شؤون العراق واليمن وإفريقيا.
الأمر الرابع، تطهير المنطقة من بقايا التنظيمات الإرهابية التي دعمتها إدارة أوباما، وعلى رأسها داعش وجبهة النصرة وجماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى الجماعات المسلحة في مصراته وليبيا.
من المتوقع أن يكون الرئيس الأمريكي الجديد، الذي سيستقر في البيت الأبيض، بعد افتتاح أبوابه يوم 21 يناير الجاري، أكثر تفهمًا للمصالح العليا للمملكة العربية السعودية، وأكثر قدرة على تقدير أهمية الرياض من سلفه، الذي انجرف وراء مثاليات ليبرالية، متناسيًا أن للسياسة قواعد أخرى تختلف من مكان إلى آخر حول العالم.
بشكل عام، يمكن وصف الوضع بأنه سلسلة معقدة ومتشابكة من الصراعات، تتداخل فيها العوامل الإقليمية والدولية، مصحوبة بخيانة من بعض الأصدقاء، وانخراط قلة من المواطنين عن غير وعي في حرب ضد وطنهم.
المملكة العربية السعودية لا تزال في طور التعافي من حرب "وجود" شرسة، اندلعت في عام 2009، أشعل فتيلها البيت الأبيض بقيادة الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما، وتضمنت هذه الحرب محاولات لتغيير موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط لصالح إيران، على حساب علاقات تاريخية وطيدة مع الرياض، بالإضافة إلى السعي لتقويض الأسس الاقتصادية والعسكرية والإعلامية للمملكة، بل وحتى الاجتماعية.
لقد استُخدمت أداتان رئيسيتان لزعزعة استقرار المملكة العربية السعودية، أولهما دعم الانقلاب "الطائفي" في البحرين، فالمنامة تعتبر الخاصرة الرخوة لمناطق النفط التي تمثل قلب المملكة الاقتصادي، وأي اختراق للمنامة يعني توجيه ضربة قاتلة للاقتصاد السعودي، والأداة الأخرى تمثلت في إغراق مصر في الاحتجاجات والفوضى، وإيصال جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة، ليتولوا بدورهم مهمة مساعدة أجنحتهم الإرهابية في المملكة لتنفيذ مخططاتهم التخريبية، وذلك في إطار ما يسمى بـ "الربيع العربي" المزعوم، والدفع به نحو الشوارع والمدن السعودية.
على الرغم من مرور ثماني سنوات عجاف، لم يتمكن أوباما من تحقيق مبتغاه في إضعاف المملكة، ولم ينجح في ترجيح كفة أعدائها، بل اكتشف أن عزيمة المملكة وقوة شعبها أشد مما كان يتصور، وأن تحقيق أهدافه يتطلب وقتًا وجهدًا أكبر بكثير مما كان يتوقع، وأن النتائج التي تتجسد على أرض الواقع اليوم، أو التي ستظهر لاحقًا، تصب في مصلحة الرياض، سواء أدرك أوباما وحلفاؤه ذلك أم لا.
هذا ليس مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي، ولا مجرد شعارات جوفاء، بل هي معلومات مؤكدة وموثقة، تعكس نتائج السياسة السعودية التي تعتمد على العمل في صمت، عندما تقتضي مصالحها الإستراتيجية ذلك، باراك أوباما خاض حروبًا خاسرة، لكن المصالح الكبرى أجبرت حلفاء واشنطن على الانتظار بصبر نافد حتى رحيله عن السلطة، فالعلاقة مع البيت الأبيض أعمق وأرسخ من ثماني سنوات عجاف قضاها أوباما في سدة الحكم.
الرياض، شأنها شأن العديد من العواصم الأخرى، تضررت من وجود رئيس ضعيف القدرات ومتردد في اتخاذ القرارات الحاسمة، وأدت سياساته إلى سلسلة من الإخفاقات في الحروب والسياسة، ولا يزال الأبرياء يدفعون ثمنها حتى هذه اللحظة، كما هو الحال في سورية وليبيا وسيناء وفلسطين ولبنان وإيران والعراق.
ولكن، كيف سيكون شكل عام 2017 بالنسبة للعلاقات بين الرياض وواشنطن؟
لا شك أن الأضرار التي لحقت بالعلاقات بين الرياض وواشنطن كبيرة، إلا أن إصلاحها ليس مستحيلاً، وهناك ثلاثة ملفات رئيسية من المرجح أن تقود العلاقات السعودية الأمريكية في العام القادم وما يليه.
أولاً، الملف الاقتصادي، فالمملكة العربية السعودية تمتلك اليوم أكبر صندوق استثمار سيادي في العالم، وهي قادرة على التفاوض مع الرئيس ترامب وإدارته لتحقيق مصالح متبادلة تخدم الاقتصاد والسياسة السعودية الأمريكية.
ثانيًا، إعادة بناء التحالف العسكري بين الرياض والبنتاغون، فالنمو المتسارع للجيش السعودي ورغبته في تحديث قدراته العسكرية، بالإضافة إلى توسع نفوذها في المنطقة لحماية مصالحها، سيساعد واشنطن في استعادة مكانة الصناعة العسكرية الأمريكية التي تراجعت كثيرًا في منطقة الشرق الأوسط، بل تضاءلت أمام التقدم الروسي.
ثالثًا، الحد من القدرات النووية الإيرانية، فالمؤسسات الأمنية الأمريكية لا يمكنها الانتظار حتى تصبح طهران قادرة على تفجير قنبلة نووية، وهو الأمر الذي سيجعلها دولة نووية أمرًا واقعًا، وهذا يتطلب إعادة النظام الإيراني إلى مكانه الطبيعي، بعيدًا عن التدخل في شؤون العراق واليمن وإفريقيا.
الأمر الرابع، تطهير المنطقة من بقايا التنظيمات الإرهابية التي دعمتها إدارة أوباما، وعلى رأسها داعش وجبهة النصرة وجماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى الجماعات المسلحة في مصراته وليبيا.
من المتوقع أن يكون الرئيس الأمريكي الجديد، الذي سيستقر في البيت الأبيض، بعد افتتاح أبوابه يوم 21 يناير الجاري، أكثر تفهمًا للمصالح العليا للمملكة العربية السعودية، وأكثر قدرة على تقدير أهمية الرياض من سلفه، الذي انجرف وراء مثاليات ليبرالية، متناسيًا أن للسياسة قواعد أخرى تختلف من مكان إلى آخر حول العالم.